صوّت العراقيون في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) لانتخاب برلمان جديد، وهي الانتخابات الخامسة منذ سقوط نظام صدام حسين. يضم البرلمان العراقي 329 مقعداً، تسعة منها مخصصة للأقليات. يتمتع اليزيدين بمقعد واحد في البرلمان كجزء من نظام الكوتا.
في هذا الحوار، يتحدث هرمان ميرزا بك، الوكيل الأول لأمير الطائفة اليزيدية، حول التمثيل السياسي لليزيدين في البرلمان العراقي، مخاوف الطائفة، امالهم ومطالبهم.
لليزيدين ممثل واحد في البرلمان العراقي، كيف ترون هذا التمثيل؟
الحكومة العراقية منحتنا مقعد واحد في البرلمان وهذا ظلم في حق اليزيدين. يعيش في العراق حوالي 900 ألف يزيدي وفي سنجار تقريبا نصف مليون نسمة. هناك 300 ألف يزيدي له حق التصويت. وبحسب هذا التعداد السكاني، من المفترض ان يكون لنا قرابة 5 او 6 مقاعد في البرلمان. وهذا ما وعدنا به في عام 2006، ولكن لم يتحقق هذا الوعد حتى اللحظة. كان المشرّعون يقترحون قوانين تمنح لليزيدين خمس مقاعد بالبرلمان، لكن هذه المقترحات لا يتم الموافقة عليها في التصويت.
لماذا هذا حسب رأيك؟
لأننا بساطة لا نملك قوة سياسية تمثلنا داخل البرلمان. التعداد السكاني لليزيدين أكثر من بعض الأقليات الأخرى وبالرغم من ذلك، لم نمنح سوى مقعد واحد في البرلمان، في حين، على سبيل المثال، للمسيحين خمس مقاعد. نحن نعاني من تهميش سياسي، وفقدان حقوق توازي اهميتنا السكانية، ولا نجد أي مساندة دولية لتحصيلها. ففي حين يتمتع التركمان مثلا بمساندة وحماية من تركيا، والمسيحيين بمساندة الدول الغربية، لا نجد نحن من يقف معنا.
ما الذي تقومون به للحصول على حقوقكم كأقلية قومية ودينية في العراق؟
نحن نحاول ان يصل صوتنا ويكون مسموعاً في البرلمان العراقي وكذلك في جميع انحاء العالم. نريد ان يتعرّف الجميع على معاناتنا واضطهادنا. نحاول ان نتواصل مع كل من يهتم لشأننا وطنيا ودوليا، ونناشد القوى العظمى ان تساندنا. وعلى الصعيد الوطني، هناك مراسلات للحكومة العراقية للمطالبة بحقوقنا عن طريق الحوار والنقاش بطريقة سلمية، على امل ان يكون لصوتنا ومطالبنا مسامع.
بعد انسحاب القوات الامريكية من أفغانستان واستيلاء طالبان على السلطة. تولدت مخاوف لدي العديد من الأقليات من حدوث سيناريو مشابه. كيف ترون هذا وما هو الوضع حاليا في الطائفة؟
إذا حدث سيناريو مثل سيناريو أفغانستان في العراق، ستكون هناك مذابح ومجازر مريعة. في الواقع، المجتمع الأفغاني مجتمع متجانس نوعا ما - كلهم مسلمون بأغلبية سنية. لكن الوضع في العراق يختلف كثيرا عن أفغانستان، ففي العراق يوجد اعراق وقوميات وديانات وطوائف وأقليات دينية مختلفة. وهذه كلها عوامل تجعلنا نتصور ان سيناريو مشابه في العراق سيكون كارثة حقيقية.
في حال انسحاب القوات الامريكية مثلا، نحن نتوقع سيناريو أبشع وأكثر رعبا وخوفا مما عشناه في ظل تنظيم داعش. ستكون هناك حروب إبادة لا يمكن حتى تخيل نتائجها. لدينا مخاوف حقيقية من حدوث شيء كهذا في العراق. نحن لسنا قوة سياسية ولا قوة عسكرية وليس لدينا اقتصاد قوي. سنصبح ضحايا في لحظة، من المؤكد ان الكثير من اليزيدين سيفرون من العراق الي الدول الأوروبية. والباقون سيكون مصيرهم الموت.
يطالب العديد من اليزيدين بتواجد قوات حفظ سلام دولية في مناطقهم، كيف ترون هذا؟
نحن حقا بحاجة لتواجد قوات حفظ السلام في مناطقنا. لقد عانينا كثيرا على يد تنظيم الدولة الإسلامية، ونحن بحاجة إلى الشعور بالأمن والأمان في وطننا. ونأمل ان يوفر لنا المجتمع الدولي حماية دولية تتمثل بتواجد قوات حفظ سلام في أراضينا عسى ان يعيد لنا هذا الإحساس بالأمن الذي نفتقده منذ فترة طويلة.
ماذا عن دور اليزيدين في حماية مناطقهم؟
في كل بيت من بيوت اليزيدين شخص استشهد اما في قوات الشرطة، الجيش او البشمركة؛ شباب في العشرينيات من العمر قتلوا على يد التنظيمات الإرهابية، ذهبوا ضحايا للإرهاب. ورغم ذلك لا يزال اليزيديون الى اليوم يلتحقون بقوات الأمن من اجل حماية مناطقهم واهاليهم وممتلكاتهم. وحقيقةً، حكومة كردستان متعاونة معنا بهذا الامر.
ماهي أسباب الغموض الذي يحيط بالديانة والفلسفة اليزيدية؟
الديانة اليزيدية هي واحدة من أقدم الديانات على وجه الأرض. هي فلسفة دينية عريقة جدا وموجودة منذ آلاف السنين. بسبب معتقداتهم، تعرض اليزيدين عبر التاريخ لمذابح متكررة وحملات إبادة جماعية (الفرمانات)، استمرت هذه الحملات في فترة الفتوحات الاسلامية وتواصلت بعدها. ذكرى الاضطهاد والظلم الذي عانوه هو سبب لعزلتهم وللغموض المحيط بمعتقداتهم.
لكن اليوم ومع تغير الزمن في عصر الأنترانت ووسائل التواصل الاجتماعي، تغير الوضع وصارت الديانة اليزيدية معروفة أكثر في العالم وأصبح اليزيدين أكثر انفتاحا على العالم. كما أصبح هناك اهتمام أكبر لمعرفتنا وفهم تقاليدينا ونظرتنا الفلسفية للوجود. هناك اهتمام من قبل العديد من الجهات والمنظمات الإنسانية والدول الغربية باليزيدين لتسليط الضوء على معاناتنا وألمنا.
هل هناك محاولات من اليزيدين للتعريف بمعتقداتهم؟
هناك طبعا مجهودات من اليزيدين للتعريف بالطائفة والديانة اليزيدية. لكن ما حصل لليزيدين في العراق بعد دخول تنظيم داعش الإرهابي وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها في حقنا، جعلت انظار العالم تتجه نحونا. كانت هذه الازمة هي السبب في تسليط الضوء علينا ليصل صوت معاناتنا واضطهادنا للجميع.
هناك خلاف في رؤية اليزيدين لأنفسهم، بين من يقول ان اليزيدين كُرد ومن يرى ان لليزيدين قومية مستقلة. هل يؤثر هذا الاختلاف على وحدة وتماسك الطائفة؟
اليزيدين هم كُرد دون أدنى شك. لكن بنظري هناك سبابان لهذا الخلاف: السبب الأول وهو السبب الرئيسي؛ الإحساس بالقهر والظلم والاضطهاد بسبب الهجمات المتكررة على اليزيدين وخصوصا بعد دخول تنظيم داعش الإرهابي الى مناطقنا وانسحاب قوات البيشمركة الكُردية، التي كانت تحمي المنطقة في ذلك الوقت.
السبب الثاني سياسي، فبعض الأحزاب ولأهدافها الخاصة، يقولون ان اليزيدين ليسوا كُرداً، بل قومية مختلفة. وفي لقاءات أخرى يقولون باننا كُرد. وهذا شيء محير طبعا. لكن رغم ذلك نحن بالنهاية كُرداً أبا عن جد وهذا أصلنا وهو جزء ثابت من هويتنا لا يتغير.
إلى أي مدى تغيرت التركيبة السكانية للمناطق اليزيدية في العراق خلال العقود الماضية؟
حدث تغيير ديموغرافي كبير في المناطق اليزيدية. هذا التغيير ليس وليد اليوم، بل بدأ منذ سبعينات القرن الماضي ضمن برنامج حزب البعث لتعريب هذه المناطق. في الآونة الأخيرة، ومع اجتياح تنظيم داعش للعراق ودخوله الى سنجار في أغسطس 2014، هرب مئات الالاف من اليزيدين من المنطقة، ولا يزال الكثير منهم يعيشون الى اليوم في مخيمات اللاجئين. كما هاجر العديد من اليزيدين إلى أوروبا، ألمانيا بالتحديد، وقاموا ببيع ممتلكاتهم واراضيهم للعرب. فتجد اليوم الكثير من العرب والمسلمين يقطنون بمناطق كانت في السابق يسكنها اليزيدون فقط.
هرمان ميرزا سعيد بك هو الوكيل الأول لحازم تحسين بك، الذي عين في عام 2019 أميرا لليزيدين في العراق والعالم.
اليزيديون هم أقلية دينية وعرقية. يعيش غالبية اليزيدين في العراق، ويعيش ثاني أكبر مجتمع يزيدي في العالم في المانيا. لقرون، واجه اليزيديون الاضطهاد بسبب معتقداتهم وآخرها مذبحة تنظيم داعش الإرهابي عام 2014.