البغدادي غير الراغب بالظهور الاعلامي وذو الخبرة باستهداف خصومه له ولقياداته لايزال يشكل عبئا استخباريا لملاحقيه.
اوردت وكالات الانباء وعلئ مدئ السنوات الماضية تقارير تفيد بمقتل ابو بكر البغدادي زعيم ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية، وكان اخر هذه التقارير ما افادت به وكالة الانباء الروسية، نقلا عن وزارة الدفاع الروسية، تفيد بان البغدادي قد يكون قد لاقئ حتفه جراء ضربة جوية نفذتها مقاتلات روسية بالقرب من الرقة. اعتقد بان عملية تاكيد الخبر ونفيه قد تنحصر في حقائق عدة تجعل التكهن بمصير الخليفة المفترض امرا صعبا سيما ان المصادر تتقاطع بتحليلها لهذا الحدث المهم والتطور الجديد ان تأكّد الخبر فعلا.
ان الحقائق تشير الئ تحاشي البغدادي الاعلام علئ العكس من زعيم القاعدة بن لادن الذي كان حريص علئ الظهور الاعلامي، لكن كِلا الرجلين التقيا، بهذين التوجهين المختلفين، في نقطة واحدة: وهي ضرورة التواصل مع المناصرين و(جنود التنظيم) من خلال رسائل صوتية. في حالة بن لادن كانت في المرحلة الاخيرة من حياته. وفي الجانب الاخر مايتعرض له تنظيم "داعش" في هذه الايام من حملات عسكرية؛ والتي قد تودي الى انهاء سيطرة التنظيم على مدن كبيرة في العراق وسوريا. ولكن اعتقد بان البغدادي سيكون له حظوظاً أكثر بالنجاة من ضربة جوية مفترضة على عكس بن لادن وذلك لثلاثة أسباب.
- يتحرك البغدادي في منطقة (صديقة) في اعالي وادي الفرات في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، وبحكم اقامته في هذه المنطقة لفترة طويلة، فهو يعرفها ويعرف سكانها بشكل جيد ، فقد عاش البغدادي منذ ٢٠٠٦ ولغاية ٢٠٠٩ في الرمادي وتزوج من عراقية من مدينة "هيت"، القريبة من الحدود العراقية السورية، قبل ان ينتقل للعمل ضمن الكوادر الإعلامية، داخل الاراضي السورية، لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي كان يتزعمه الزرقاوي؛ بعدها عاد إلى العراق وانتخب عضوا في مجلس شورئ المجاهدين ،وهو المجلس الاعلى المتخصص بانتخاب زعيم التنظيم.
ومنطقة الحدود العراقية مع سوريا، لمن يعرفها، بين مدينتي القائم والبو كمال وصعودا باتجاه الشمال وصولا لمدينة الميادين هي منطقة صعبة جغرافيا وفيها اخاديد وشقوق في الارض يمكن الاختباء فيها، وتعتبر من اهم معاقل تنظيم البغدادي، وتوفر ملاذا امنا كون ان معظم عشائر المنطقة قد اخضعت لقوة التنظيم ولا يوجد في المنطقة تنظيم منافس. وبعلم البغدادي بان طائرات وجواسيس اكبر دولتين في العالم روسيا والولايات المتحدة تتسابقان للفوز بقتله، ولخبرته في مقتل كل من الزرقاوي وخليفته ابو عمر البغدادي بضربات جوية في العراق وقبلها الانزال الامريكي الشهير الذي ادئ لمتقل بن لادن فان البغدادي والقيادات التي تحيط به، وهي قيادات تملك خبرات عسكرية كون جزء منها من بقايا فرق صدام حسين العسكرية، لن تخاطر لتجتمع قرب المدينة التي يعلمون ان كل شيء فيها يخضع للمراقبة الجوية المتواصلة.
- ان البغدادي غير مسؤول بشكل مباشر عن العمليات والحركات العسكرية لمقاتليه، فقيادته رمزية دينية وهو بذلك يكتفي بارسال التوجيهات العامة وحث اتباعه علئ الصمود وتنفيذ عمليات انتحارية ضد اعداءه، وقد اتفق خبراء الامن في العراق علئ صعوبة الوصول للبغدادي كونه قليل الحركة شخصيا ويعتمد علئ الامراء الذين يعنهم لتنفيذ الاوامر.
- البيان الروسي يحدد نهاية ايار الماضي تاريخيا لمقتل البغدادي اي نحن امام اكثر من 20 يوما لحين كتابة المقال منذ مقتله المفترض ولم يصدر اي بيان من التنظيم بمقتل البغدادي؛ وهو امر شرعي بالنسبة للتنظيم وملزم به كل اعضاء مجلس الشورى، فبعد مقتل او موت كل زعيم، لابد من تعيين بديلا عنه لحمل الراية التي لايمكن (ان تكون بغير امير او خليفة) حسب ايدلوجيات التنظيم، مثلما حدث مع الزرقاوي وابو عمر البغدادي حيث تم انتخاب البغدادي اميرا للتنظيم مباشرة من خلال اعلان مقتل ابو عمر البغدادي وتنصيب (الدكتور ابو دعاء) اي البغدادي.
وبناءا علئ ماورد اعلاه من حقائق فلا اعتقد بان عملية مقتل البغدادي قد حصلت رغم ان عملية الجزم بهذا الرأي تبقئ غير سهلة.
عامر الموسوي / صحفي ومحلل سياسي مقيم في برلين، عمل لصالح التلفزيون الألماني وصحيفة "زود دويتشة تسايتونغ" وعمل لصالح التلفزيون العراقي، له اعمال استقصائية عن الارهاب في الشرق الأوسط.