هل ستنشب حرب بين اسرائيل وايران؟

في عالم العلاقات بين إيران وإسرائيل، تنتظرنا أيام متوترة، بل متوترة جداً. ربما أكثر توتراً من الأيام التي سبقت الاتفاق النووي في عام 2015 بين إيران ومجموعة 5 + 1.

على الرغم من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، الذي يُقال عنه، بحسب العديد من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين السابقين، أنه خدم أمن إسرائيل، يشير سيناريو ناشئ إلى أننا نواجه الآن صراعاً آخراً بين إيران وإسرائيل.

خلال الفترة التي سبقت اتفاق عام 2015، ووفقاً لتقارير مختلفة، فإن بعض كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين، وكذلك شيمون بيريز، اعترضوا بشدة على خطط نتنياهو لمهاجمة إيران.

في رأيي، فإن خلفاء هؤلاء، وبعضهم قد يكون ممن عارضوا خطة مهاجمة البرنامج النووي الإيراني، قد يغيرون مواقفهم ويدعمون هجوم جديد. وسيؤدي ذلك إلى شنّ حملة واسعة النطاق وطويلة المدة، بصواريخ أرض – أرض وسلاح الجو الإسرائيلي، على قواعد ايران العسكرية والصناعية والاقتصادية.

إن السيناريو الذي يمكن فيه أن يحدث ذلك يمكن أن يكون نتيجةً مباشرةً للحرب التالية بين حزب الله وإسرائيل. وبالمقارنة مع حرب عام 2006 بينهما، تعتقد إسرائيل أن لدى حزب الله الآن 17 ضعف عدد الصواريخ التي كان يملكها آنذاك - أي ما يقدر بنحو 120,000 صاروخ - حصل على معظمها بدعم مالي، وفي بعض الحالات دعم تقني من إيران.

ويفتخر رئيس حزب الله حسن نصر الله بأسلحته والدعم المالي من النظام الإيراني. وفي خطاب ألقاه في يونيو/حزيران 2016، قال: "نحن منفتحون بشأن حقيقة أنّ ميزانية حزب الله ومداخيله ونفقاته وكل ما يأكله ويشربه وأسلحته وصواريخه تأتي من جمهورية إيران". يمكنك مشاهدة مقطع فيديو خطابه مع ترجمات هنا.

قد تقول أنّ هذا ليس بشيء جديد. وقد حصل حزب الله على جزء كبير من تمويله من إيران خلال حرب 2006، ولم تهاجم إسرائيل إيران. فما الذي تغير؟

دعونا نضع الأمور في منظورها الصحيح. في عام 2006، أطلق حزب الله 4,000 صاروخ وقذيفة على إسرائيل خلال الحرب التي استمرت 34 يوماً. هذه المرة لدى حزب الله القدرة على اطلاق 25 ضعف هذا العدد. لنفترض أن حزب الله أطلق 100,000 صاروخ واعترضت إسرائيل نصفها. هذا يعني سقوط 50,000 صاروخ وقذيفة على المدن الإسرائيلية.

ينطوي هجوم من هذا القبيل على خطر تسرب إشعاعي كبير يمكن أن يكون ضاراً جداً للسكان المدنيين.

 وهذا يعني أن عدد الإصابات بين المدنيين الإسرائيليين يمكن أن يصل إلى الآلاف وأن الأضرار التي ستلحق بالمدن والقاعدة الصناعية للبلاد ستُعتبر "بالغة جداً"، على حد قول الجنرال جيورا إيلاند الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي.

في رأيي، من غير المرجح أن الحرب بين إيران وإسرائيل سوف تندلع مع بداية الحرب المقبلة بين حزب الله وإسرائيل. بيد أن وقوع عدد غير مسبوق من الإصابات بين المدنيين الإسرائيليين بسبب هجمات صواريخ حزب الله سيجعل من ذلك إمكانية واقعية. إن القيادة الإسرائيلية - حتى حكومة وسطية يرأسها شخص أكثر تحيزاً لليسار من بنيامين نتنياهو - يمكن أن تقرر أن قصف البنية التحتية في لبنان لا يثير قلق علي خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني.

وحتى الآن، كان خامنئي سعيداً جداً بالدفع إلى اللبنانيين والفلسطينيين لمهاجمة إسرائيل، مع الحفاظ على مسافة آمنة من أنقاض الحرب. وكما ذكر الجنرال المتقاعد إفرايم سنيه في مؤتمر هرتسليا لعام 2017: "إن إيران لا تبالي إطلاقاً إذا دمرت البنية التحتية في لبنان".

هناك أيضاً تهديد من نصر الله بقتل عدد كبير من الإسرائيليين في الحرب المقبلة إما عن طريق غاز سام أو تسرب إشعاعي ضخم. وفي خطاب ألقاه في شباط/ فبراير 2016، حذّر نصر الله من أنه إذا تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله في الحرب القادمة، فإن " بضعة صواريخ من عندنا زائد حاويات الأمونيا، ستكون نتيجتهم مماثلة لقنبلة نووية".

إن حاويات الأمونيا المعنية، موجودة في مدينة حيفا. ومنذ خطاب نصر الله ذاك، كانت هناك دعوات متزايدة إلى تفريغ الحاويات. وبعد ذلك بعام، هدد نصر الله بمهاجمة المفاعل النووي الاسرائيلي في مدينة ديمونا بصواريخه. ينطوي هجوم من هذا القبيل على خطر تسرب إشعاعي كبير، يمكن أن يكون قاتلاً للسكان المدنيين من حوله.

كما ان هناك سببٌ آخر يمكن أن يدفع الأشخاص الذين كانوا يعترضون على مهاجمة البرنامج النووي الإيراني إلى دعم الانتقام من إيران في حال نشوب حرب واسعة مع حزب الله. قبل الاتفاق النووي، كانت القيادة العليا لجهاز الأمن العام الإسرائيلي تعترض على الهجوم، وذلك جزئياً بسبب وجود طريقة بديلة للتعامل مع الخطر النووي الايراني: المحادثات النووية لمجموعة 5 + 1. لكن هذه المرة، لا يوجد مثل هذا الخيار. بالإضافة لأن خلافاُ للجولة الأخيرة من القتال في عام 2006، هذه المرة أضاف النظام الإيراني 20,000 مقاتلاً في سوريا عبر ميليشيات شيعية مختلفة. وقد فاقم ذلك من شعور إسرائيل بوجود تهديد طويل الأمد من إيران.

بالنسبة للإيرانيين-الإسرائيليين من أمثالي، فإن الحرب بين إيران وإسرائيل هي سيناريو كابوس

لا أحد يريد أن يبدأ حرباً جديدةً بين حزب الله وإسرائيل. في عام 2006، قُتل ما يقرب من 1,200 لبناني، معظمهم من المدنيين، و 160 إسرائيلياً، معظمهم من الجنود. وقد نزح مليون شخص في لبنان، كما وصل عدد النازحين في إسرائيل إلى 500,000. في الواقع، قال نصر الله بأنه لا يريد أن يبدأ عمداً حرباً ضخمةً أخرى. وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل.

ولكن التاريخ الحديث في الشرق الأوسط مليء بحروب غير مرغوب فيها، يشعلها حدث غير متوقع أو صراع صغير تصاعد. هناك الكثير من الأمثلة الحديثة: لم تكن تتوقع أو ترغب إسرائيل أو حماس في مطلع عام 2015 بأي حرب. كانت حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله غير منتظرة وغير متوقعة. ولم يخطط المصريون ولا الإسرائيليون لهجوم في عام 1967، حتى قام الاتحاد السوفيتي بممارسة لعبة تضليلية دفعت الطرفين في النهاية إلى الحرب. واللائحة تطول، وللأسف يمكن للتاريخ أن يكرر نفسه.

بالنسبة للإيرانيين-الإسرائيليين من أمثالي، فإن الحرب بين إيران وإسرائيل هي سيناريو كابوس. وينطبق الأمر نفسه على الغالبية الساحقة من الإسرائيليين من أصل إيراني. نحن نغتنم كل الفرص المتاحة لتحسين العلاقات بين الشعبين. نريد السلام بين البلدين. ومع ذلك، إذا أسفر هجوم صاروخي ضخم شنه حزب الله عن مقتل الآلاف من الإسرائيليين، فلن يكون هناك ما يمكننا قوله أو فعله، لا سيّما وأنه يمكن أن نكون نحن ضحايا تلك الصواريخ.

فلنأمل ألا يتحقق مثل هذا السيناريو. فآخر شيء يريده شعب إيران وإسرائيل ولبنان هو حرب مدمرة أخرى.

ولد مئیر جاودانفر في طهران ويعلّم السياسة الإيرانية في المركز التخصصي في هرتسليا، إسرائيل. ينشر تغريداته باسم @Meirja.