الزمن اللازم للقراءة: 3 دقيقة
معرض فنون عربي في ايران

لأول مرة، معرض للفنانين العرب في إيران

تقرير
صور الحضور في المعرض
صور الحضور في المعرض المصور: باذن من معرض محسن-طهران

ليس غريبا أن نرى مشاركات مستمرة لفنانين عرب في معارض فنية تقام في دول مجاورة لدولهم، في إطار تعزيز الشراكات الفنية والثقافية، ولكن الأمر قد يكون مختلفاً إذا كان هذا البلد إيران.

تتوطد العلاقات بين الدول المجاورة بأشكال متنوعة، ليس فقط بالشراكات السياسية والاقتصادية والصحية، بل أيضا بالتواصل على المستوى الثقافي والفني. وليس غريبا أن نرى مشاركات مستمرة لفنانين عرب في معارض فنية تقام في دول مجاورة لدولهم، في إطار تعزيز الشراكات الفنية والثقافية، ولكن الأمر قد يكون مختلفاً إذا كان هذا البلد إيران.

 

تم مؤخرا افتتاح معرض فني بعنوان "مناطق النفوذ: رموز وسلوك عبر المناظر الطبيعية المعمارية"، في معرض محسن في العاصمة طهران. هو يعد المعرض الأول من نوعه في إيران، نظراً لطبيعة المشاركين فيه، فهو أول معرض فني يتضمن مشاركة فنانين من دول عربية مجاورة.
افتُتِح المعرض في شهر نيسان / أبريل الماضي وحصل على اهتمام الكثيرين من رواده، حيث كان واضحا بأنه تحدى قدرة الجمهور الايراني على تجاوز الخلافات السياسية بين إيران والدول المجاورة والتعامل مع الجيران العرب بطريقة جديدة ومختلفة.

 

صورة من عرض فيلم أروى النعيمي ، نيفر نيفر لاند
صورة من عرض فيلم أروى النعيمي ، نيفر نيفر لاند

 

تغيير نظرة الجمهور الايراني

 

تحدثنا حصريا مع منظمة المعرض، لي-لا نازيميان، المقيمة حاليا في نيويورك والتي قد عملت في الولايات المتحدة مع العديد من الفنانين الإيرانيين وغيرهم من الجنسيات، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تذهب فيها الى إيران لعرض أعمال لفنانين معاصرين من دول عربية مجاورة.

 

وتوضح المُنظِّمة ان المعرض مستوحى من فكرة استكشاف الطرق التي تشكل بعض السلوكيات الاجتماعية، من خلال دراسة الهياكل التي تعكس لحظات ثقافية معينة في التاريخ، حيث يعمل الفنانون المشاركون على الكشف عن الفروق الدقيقة المختلفة في الاستقرار وتمكين مثل هذه السياقات في منعطفات تاريخية معينة. وفي نهاية المطاف، ترتبط هذه النظم بالهوية الثقافية، كما تعد جزءا مهما في تشكيل الطرق التي تتعارف من خلالها الجنسيات والشعوب.

 

تجارب فنية تتحدى الاستبداد

 

شارك في المعرض مجموعة من الفنانين من العراق والسعودية والكويت والامارات، حيث قدم الفنان العراقي، وفاء بلال، صورا ذات حجم كبير من مجموعته الفنية "رماد" التي توضح بدقة مسلسل الدمار في بغداد، بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام ٢٠٠٣. ويكشف عمل الفنان المساحات المتهالكة التي ظلت كرموز للنظام السابق.

 

صورة للكعبة من الأعلى للفنان أحمد مطر
صورة للكعبة من الأعلى للفنان أحمد مطر

 

اما الفنان السعودي، أحمد ماطر، فقد شارك بمجموعة أعماله التي تتطرق لمسألة الحفاظ على هوية مدينة مكة المكرمة التاريخية والدينية والسياسية، والتي أثرت فيها التغيرات وعمليات البناء والتوسعة التي تجري في المدينة باستمرار.

 

كما قدمت الفنانة السعودية، أروى النعيمي، فيديو يبين التحذيرات الرسمية تجاه بعض السلوكيات الاجتماعية في منتزهات بلادها، حيث تقوم الفنانة بتوثيق سري لتجارب النساء في المنتزهات وتعاملهن مع التحذيرات.

 

من جهته، شارك الفنان الكويتي، طارق الغصين بأعمال من مجموعته المعروفة ملفات K، والتي تبين للمُشاهد العلاقات المتكاملة بين هياكل بنيت للإشارة إلى سلطة ونفوذ الدولة.

 

اما الفنانة الإماراتية، لمياء غرغاش، فقد قدمت عملا توثيقيا يصور مساحات غرف الضيافة داخل المجتمعات الإماراتية والتي تكشف عن بعض التشكيلات المكانية التي تمليها هذه البيئات الاجتماعية.

 

الفنان شريك فعلي في كسر الحدود بين الشعوب

 

تحدثنا حصريا مع الفنان، طارق الغصين الذي كان متواجد في طهران، خلال افتتاح المعرض، حيث يقول: "كنت مسرور جدا بالاهتمام والحماس الذي بدى من الزوار، فقد عرف الافتتاح حضورا كبيرا، رغم أنها المرة الأولى التي يتم فيها عرض فني لفنانين عرب في إيران".

 

بقية المشاركين في المعرض لم يتمكنوا من حضور الافتتاح ولكن في حديثنا مع الفنانة، أروى النعيمي حول مشاركتها، أشارت إلى أهمية الفنان كشريك فعال في كسر جميع الحدود والقيود التي صنعها البشر، "الفن واجب إنساني وليس محصورا بحدود جغرافية أو بشرية أو سياسية وضعها الإنسان على هذا الكوكب"، تقول أروى، مضيفة، "إيماني عميق بأن مسالك الفن لا يمكن أن تتقاطع مع مسالك السياسة المتشعبة، فالفن يوجه السياسة".

 

وفاء بلال ، سلسلة رماد - شارع المتنبي ، ٢٠٠٣ - ٢٠١٤
وفاء بلال ، سلسلة رماد - شارع المتنبي ، ٢٠٠٣ - ٢٠١٤

 

وتمثل أعمال الفنانين المشاركين وجهات نظر من مختلف البلدان المشاركة في علاقات مختلفة مع إيران. ويبقى الهدف هو تغيير وجهة نظر الجمهور الايراني تجاه جيرانه وتحدي الأفكار المسبقة والروايات المنتشرة.

 

أثر الفن على صناعة القرار!

 

يبدو أن مبادرة مُنظِّمة المعرض، لي-لا نازيميان، لم تأثر فقط على المشاهد الإيراني، ولكن أيضا على صناع القرار في عالم الفن في المنطقة، فمؤخرا أعلنت مؤسسة “بارجيل” الفنية في الشارقة عن تعاون فني مع معرض محسن في طهران، من خلال اقامة معرض للفن العربي الحديث والمعاصر في متحف طهران للفن المعاصر، المتحف الذي عرض أعمال أعظم فناني القرن العشرين قبل الثورة الإسلامية الإيرانية في عام ١٩٧٩. وسوف تكون هذه المرة الأولى التي ترحب بها صالات عرض هذا المتحف العريق بأعمال فنانين عرب من دول مجاورة.

عن: 
ابراهيم علي