حيث تجتمع كافة أشكال الفن المعاصر في مكان واحد، ذلك هو "أسبوع الفن في برلين" والذي أقيم بين 13و17 سبتمبر 2017، إلا أن الزوار كانوا على موعد مع فعالية مختلفة، حيث قدّم معرض "إمارات الرؤى" 50 عملًا فنيًا من إنتاج فنانات وفنانين باتجاهات فنية مختلفة.
على هامش المعرض الذي أقيم في "me Collectors" في برلين، والذي احتوى أعمالًا من المقتنيات الخاصة بمجموعة أبوظبي للثقافة والفنون –عرضت ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي 2016- لتجمع الفنانين المشاركين ضمن فعالية واحدة، حيث التقينا بعض هؤلاء الفنانين، ليشاركونا انطباعاتهم حول مشاركاتهم.
الفن يقرّب بين الشعوب قدم حمدان بطي الشامسي، الذي يصف نفسه بـ"الفنان التشكيلي المتعدّد"، عملًا يتألف من "كولاج" على الفخّار باستخدام أدوات الفن الرقمي والطباعة .“Print Making”، حيث يعتبر أن عمله الفني يرتكز على "أهمية مادة الطين في حياة الإنسان وكونها جزءًا مهمًا من تاريخ الحضارات الحديثة"، واستخدم الشامسي الفن الرقمي لطباعة الأشكال التي تمثل العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة كالصيد بالصقور وفن العيّالة على عمله الفخّاري.
يعلّق أحمد سعيد العريف الظاهري، الذي شارك بمقطع فيلميّ، مكوّن من 3 أجزاء لكلٍ منها قصة مختلفة، بأنّ عمله الفني يتناول علاقة الإنسان بالطبيعة والحيوانات، فأحد المقاطع بعنوان "احتفال الأضحية"، يصّور أوامر تنفيذ الأضحية التي تصدرها الجدة خلال عيد الأضحى، حيث يصور الفيلم هذه اللحظة الدراماتيكية التي تمثّل علاقة الإنسان بالحيوان بشكل رئيسي.
كما قدمت الفنانة عزة القبيسي، عملها الفني بعنوان "الضّاد"، لرغبتها في أن تزرع في بناتها عشق اللغة العربية من خلال الحرف العربي. تعتبر أن تعليمها الذي كان باللغة الإنجليزية خلال المراحل الدراسية المختلفة، أشعر القبيسي بنوع من النقص في الهوية والثقافة، ولذا لجأت لاستخدام الحرف العربي لتعزيز عشق الطفل العربي لما يراه واعتزازه به. "أردت أن تفهم بناتي معنى أن تربطنا لغة واحدة، وإن لم تكن لهجة أبيهن السوري إماراتية" تقول عزة.
تصف القبيسي عملها بأنه تحفة فنية تتكون من حرف الضاد مكرراً ثلاث مرات ومصبوغًا بلون السماء الأزرق، لتشكّل جميعها كلمة "الله" عند النظر إليها من زاوية معينة. التحفة أيضًا صممت بطريقة "لعوب" كما تصفها، مما يسمح للأطفال بالسير بين الحروف والتفاعل معها على عكس السائد.
الهوية وتحدي الحداثة
كان من الملاحظ تركيز الفنانين المشاركين على استخدام الأدوات المرتبطة بالبيئة والطبيعة في أعمالهم، حيث قدموا أعمالًا تعبّر عن هويتهم بطريقة حديثة تمثّل مراحل تطور المنطقة مع ربط الماضي المستمر بالحاضر الحالي.
الفنّان صوت مجتمعه في النهاية، والثقافة والفنون هي حلاوة الحياة وبرزت تلك العناصر في أعمال الفنانين الإماراتيين من استخدام طين الفخار إلى تصوير الحيوانات الصحراوية. كما كانت اللغة العربية وعادات وتقاليد شعوب المنطقة حاضرة بشدّة في هذا المعرض.
يوضّح الظاهري اهتمامه بإضافة لمسة من الحداثة على العمل الفني بالقول: "استخدمتُ موسيقى إلكترونية حديثة في فلمي؛ لإضفاء لمحة من المعاصرة على العناصر التقليدية".
الاستقبال في برلين
يمكن للمهتم بالحركة الفنية عمومًا، أن يلاحظ الاختلافات التي تتميز بها الفنون في الغرب عن مثيلاتها في العالم العربي. يعد ارتفاع هامش الحرية والشفافية في تناول بعض المواضيع، بجانب تفاعل الجمهور الغربي مع الأعمال ومحاولته للبحث والتعمق في موضوعها واستكشاف أبعادها بشكل أوسع، من الأمثلة على هذه الفروقات.
"برلين هي أحد أهم عواصم الفن العالمية، وشهدنا حضورًا غفيرًا للمعرض خلال يومين فقط". تقول القبيسي. "لا نجد مثل هذا الإقبال في منطقتنا للأسف".
يجمع الفن بين الشعوب وإن تباينت اللغات واختلفت، فهو لغة يتحدثها الجميع ويفهمونها برغم الفروقات الثقافية والمجتمعية، كما وأنه جزء من تشكيل ثقافة المجتمع، بغض النظر عن التوجه السياسي أو الإنساني. "بطريقة أو أخرى، الفن وسيلة تواصل للأفكار بين الجمهور"، يقول الظاهري، وأضاف: أن للفنانين جمهورهم الخاص الذي يتأثر به وبأفكارهم "الفنّان صوت مجتمعه في النهاية، والثقافة والفنون هي حلاوة الحياة".