الزمن اللازم للقراءة: 3 دقيقة
المدارس البديلة لتعليم الأطفال اللاجئيين

من خيمة إلى مدرسة، كي لا يكونوا جيلاً بلا تعليم!

تقرير
أطفال في المدرسة يؤدون مسرحية
أطفال في المدرسة يؤدون مسرحية المصور: مالك ابو خير

يعاني غالبية الأطفال اللاجئين أوضاعاً نفسية مختلفة نتيجة مشاهد الحرب والدمار التي شاهدوها، فتعرض بعضهم للعنف أثناء الحرب ومنهم من شاهد مشاهد قتل قاسية خلال وجوده في سورية، فكانت مهمة المتطوعين في المدرسة مواجهة هذه العراقيل و تخطيها

"بيت الياسمين" اسم الخيمة التي حولها مجموعة من الناشطين السوريين، في بلدة بر الياس في منطقة البقاع اللبنانية التي تبعد 51 كيلومتر عن العاصمة بيروت، إلى مدرسة لتعليم عشرات الأطفال السوريين اللاجئين في المخيمات، وقد كانت هذه الخطوة حل لمعاناة الكثير من الأسر اللاجئة في تأمين التعليم لأطفالها.

 

الفكرة بدأت مع "عماد أبو النور" وهو أحد مؤسسي هذا المشروع حيث يقول: "في البداية واجهنا صعوبات طبعاً، أول هذه الصعوبات كان تحويل هذه الخيمة إلى مكاناً ملائما للتدريس وقد عملنا بجِد، فقمنا بتحسينها ثم بناء عدد من الغرف بجانبها ثم توسيع المكان حولها لجعلها مكاناً لاستراحة الأطفال، حصلنا على دعم مالي بعد ذلك من قبل بعض الجمعيات الأهلية استطعنا من خلاله شراء مقاعد للدراسة وكتب وأقلام ومواد مدرسية قدمناها للأطفال مجاناً كي نشجعهم على الدراسة ومتابعة تحصيلهم العلمي".

 

يوجد بين كل عشرة اطفال  3 – 4 أطفال شاهدوا مناظر قتل قاسية ومازالت حتى هذه اللحظة محفورةً في أذهانهميعاني غالبية الأطفال أوضاعاً نفسية مختلفة نتيجة مشاهد الحرب والدمار التي شاهدوها، فتعرض بعضهم للعنف أثناء الحرب ومنهم من شاهد مشاهد قتل قاسية خلال وجوده في سورية، فكانت مهمة المتطوعين في المدرسة مواجهة هذه العراقيل و تخطيها، حيث يقول "أبو النور": "يوجد بين كل عشرة اطفال  3 – 4 أطفال شاهدوا مناظر قتل قاسية ومازالت حتى هذه اللحظة محفورةً في أذهانهم، وهنا كان لابد من اتباع أساليب خاصة معهم عبر تعزيز لغة السلام وإعادة الطفولة إليهم من خلال نشاطات مختلفة ، كاللعب أو التشجيع على الموسيقى والغناء ، حيث خصصنا مكانا لتعليم الغناء والرقص للأطفال بالإضافة إلى تعليم التمثيل حيث انهينا منذ فترة من الزمن، عملاً مسرحياً صغيراً قام الاطفال بتمثيله ولاقى نجاحاً جيداً".

 

أطفال سوريون لاجئون في لبنان يؤدون عمل مسرحي في مدرستهم
انهينا منذ فترة من الزمن، عملاً مسرحياً صغيراً قام الاطفال بتمثيله ولاقى نجاحاً جيداً المصور: مالك ابو خير

فكرة هذا المشروع لا تقتصر على تقديم التعليم فقط، وإنما مشاركة الأطفال واقعهم وهمومهم ومشاكلهم، فقد تفاجأ بالعلاقة القوية بين الناشطين والطلاب في المدرسة، حيث سعى الناشطون إلى تنمية المواهب الموجودة ضمن كل طفل وعملوا على تشجيعه عليها.

 

يقول سامر صالحة وهو من مؤسسي هذا المشروع ايضاً:" لنتمكن من إخراج الأطفال من واقعهم المرير لابد من زرع الامل في نفوسهم، وهذا يأتي -من وجهة نظرنا- عبر تقوية إيمانهم بقدرتهم على أن يكونوا أشخاصاً ناجحين عندما يكبرون، فمنهم من يحب الغناء ومن الفتيات من يحب التمثيل، وهناك من يحب أن يصبح معماريا أو طبيباً، وهنا يكون دورنا ليس عبر تعزيز الأمل والثقة بداخلهم فحسب، بل بالتأكيد على أن هذا الطموح لديهم لا يتحقق إلا من خلال متابعة العلم".

 

يفرحني أنني استطعت زرع الأمل في حياة عشرات الأطفال، حتى أن علاقتي بهم زادت قوة وأشعر كأنهم أطفاليفكرة مدرسة بيت الياسمين أشبه بالبلسم الذي يبلسم جراح الكثير من الأطفال السوريين في المخيمات، فهؤلاء وجدوا أنفسهم فجأة، بعد حرب شرسة تخاض على أرضهم، مشردين في مخيمات اللجوء في لبنان؛ أغلبهم فقد الأمل نتيجة سوء الوضع المعاشي والإنساني. فمثلاً تجد نسبة الكآبة بين الاطفال مرتفعة، فمع كل طفل حكاية حزينة حصلت معه خلال وجوده في سورية حيث تقول "عفيفة الترك" (معلمة ومتطوعة في هذا المشروع): " يفرحني أنني استطعت زرع الأمل في حياة عشرات الأطفال، حتى أن علاقتي بهم زادت قوة وأشعر كأنهم أطفالي، اسمع مشاكلهم وهمومهم وأحاول اخراجهم من أحزانهم والدفع بهم نحو النجاح بكل ما أوتيت من قوة".

 

الجدار الخلفي لقاعة الصف
"أحاول اخراجهم من أحزانهم والدفع بهم نحو النجاح بكل ما أوتيت من قوة" المصور: مالك ابو خير

 

في لبنان عشرات المخيمات للاجئين السوريين وكل خيمة تحتوي قصة موجعة عن الحرب في سوريا، وللأسف حمل الأطفال قسماً كبيراً من هذه القصص، وما زاد الأمر سوءاً أن أغلبهم دون تعليم لنسبة وصلت فوق 70% وفق آخر الإحصائيات، ومشروع بيت الياسمين كان فكرة وبجهود المتطوعين فيه تحول إلى حقيقة، ولعل مخيمات السوريين في لبنان تحتاج لعشرات المدارس مثل "بيت الياسمين" كي تخفف من نسب التسرب المدرسي المرتفع بين صفوف الأطفال السوريين.

 

عن: 
مالك ابو خير
تصوير: 
مالك ابو خير