الزمن اللازم للقراءة: 4 دقيقة
اختفاء الأطفال في مصر

وسائل التواصل الاجتماعي تنوب عن الشرطة في قضايا اختفاء الأطفال

مقالة خاصة
من احد احياء القاهرة
شبكات التواصل الإجتماعي و المجتمع المدني يقومون بعمل الشرطة المصور: حسام الصياد

لم يتخيل المهندس رامي الجبالي، مؤسس صفحة " أطفال مفقودة" أن محاولته للتأكد من صحة صور أطفال مفقودين، تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، ستفتح أمامه الباب لتأسيس كيان تطوعي يعتمد على هذه المواقع لإيجاد الأطفال.

يقول رامي:" في السابق، كنت أَسخر من الذين يقومون بنشر صور أطفال مفقودين دون التأكد من ذلك، فقررت جمع عدد من الصور والاتصال بذويهم، جَمعتُ في البداية تسعة صور، لأُصدَم بحقيقة أن الاطفال التسعة لم يعودوا حقيقة لعائلاتهم".

 

لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الأطفال المفقودين في مصر، كما لا توجد إدارة خاصّة في وزارة الداخلية لتلقي بلاغات الاختفاء، وإنما تتم معالجة مثل هذه الحالات عن طريق مصلحة الأمن العام (الإدارة المسؤولة عن الأمن الجنائي)، ومع تزايد حالات اختفاء الأطفال في أعقاب الانفلات الأمني بعد ثورة 25 يناير 2011، ظهرت صفحات تطوعية على مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بمهمة البحث عن الأطفال والتنسيق مع ذويهم، منها صفحة "المفقودين".

 

ويعمل ضمن صفحة "المفقودين" مئات المتطوعين، بينهم 200 محامي يتولون متابعة بلاغات التغيب القانونية، وتضم الصفحة 820 ألف مشترك، وقد تولّت البحث فيما يقرب من ألف بلاغ منذ انطلاقها قبل عام ونصف، واستطاعت إعادة نحو 200 طفل متغيّب إلى ذويهم. ويؤكد رامي أن الصفحة بلغت من الشهرة والتأثير حد قيام الأسر بإبلاغ الصفحة قبل إبلاغ الشرطة المصرية.

 

ويرى رامي أن ما يزيد من تفاقم أزمة الأطفال المفقودين في مصر، هو ضرورة التقيد بالقانون الذي يفرض الانتظار مدة الـ 24 ساعة قبل أن تتمكن أقسام الشرطة من تلقي بلاغات الاختفاء، على الرغم من أن الساعات الأولى لاختفاء الطفل هي أهم الساعات. كما أوضح الجبالي أن الصفحة تلعب دور برنامج "المفقودين" الذي كان يبث على التلفزيون المصري حتى عام 2005 ويقوم بإذاعة صور الأطفال المفقودين أو الذين تم العثور عليهم وبياناتهم بالكامل.

 

احمد رضا
بداية احمد رضا كانت بصفحة السيارات المفقودة المصور: نادية مبروك

 

إيجاد طفل بعد عامين من اختفاءه

 

"بحثت عن طفلي على مدار عامين دون جدوى" كانت هذه هي بداية حديث محمد صلاح، والد الطفل علاء الذي استطاعت الصفحة إعادته بعد اختطافه من مقر عمل والدته بحي الحسين السياحي بالقاهرة، يضيف والد الطفل: "زوجتي تعمل بائعة بحي الحسين، وكان معها علاء الذي كان يبلغ من العمر حينها عاماً ونصف في آب/ أغسطس 2014، إلا أنه اختفى فجأة، وبحثنا عنه في كل مكان وتقدمنا ببلاغ للشرطة لكن دون جدوى، وفي شباط/ فبراير من العام الحالي قمت بتقديم بلاغ لصفحة "المفقودين" كمحاولة أخيرة"، بعد ثلاثة أشهر، اتصل بي "أدمن"  الصفحة ليسألني عن علامة مميزة في جسد طفلي فأخبرته عن "حسنة"  في ظهره، وحرق في قدمه، ثم عاد نفس الشخص واتصل بي ليخبرني أن طفلي موجود بمحافظة قنا (600 كم جنوب القاهرة)، حيث اختطفه رجل لا ينجب واستطاع استخراج شهادة ميلاد له بمحافظة البحيرة (150 كم شمال غرب القاهرة).

 

أما عن طريقة معرفة الصفحة لهذه البيانات، فيقول صلاح أن أحد الضباط شاهد الطفل مع خاطفه، والتقط لهما صورة وأرسلها للصفحة لمعرفته بأن هذا الرجل لا ينجب، فتواصلت الصفحة معه للتأكد من هوية الطفل عن طريق العلامات المميزة.

 

إعادة 190 طفلاً

 

في الوقت الذي يعمل فيه الجبالي وفريقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضل أحمد الجيزواي، مؤسس صفحة "صفحة المفقودين" الانضمام لجمعية "معانا لإنقاذ الإنسان" الأهلية، لتكون مظلّة لعمله هو وفريقه، وليستطيعوا من خلالها مخاطبة الجهات الرسمية. ويتفق الجيزواي مع رامي في أن بطيء الإجراءات، وعدم تعاون الأجهزة الأمنية يتسبب في تفاقم أزمة اختفاء الأطفال، بالإضافة إلى عدم وجود قاعدة بيانات للمتغيبين على مستوى الجمهورية، مما يصعّب التنسيق بين الأجهزة وبين ذوي الأطفال المفقودين.

 

استطاعت صفحة الجيزاوي "المفقودين" حتى الآن أن تُعيد نحو 190 طفل مفقود، منهم الطفل محمود محمد الذي اختفى الشهر الماضي واستطاع ذووه الوصول إليه في نفس اليوم عبر الصفحة.

 

احمد الجيزواي ادمن مفقودين
احمد الجيزواي ادمن مفقودين

 

ويبلغ محمود من العمر 8 سنوات، ويدرس في مدرسة عامة بمدينة الخانكة بمحافظة القليوبية (10 كم شمال القاهرة)، وفي 11 تشرين الاول/ أكتوبر، خرج من المدرسة مع طفلين من زملائه ثم اختفى، فتوجّه والده إلى قسم شرطة الخانكة الذي رفض تحريك بلاغ بفقد الطفل قبل مرور 24 ساعة، إلا أنه وخلال ساعات، تنقل الطفل بين عدة أحياء سكنية ليصل إلى قسم شرطة "طره" البلد في محافظة القاهرة، حيث تعرف ضابط شرطة عليه بعد مشاهدته لصورته على صفحة "أطفال مفقودة"، فقام بالاتصال بوالده الذي نشر رقم هاتفه مع البلاغ الذي قدمه للصفحة.

 

الشرطة ترفض الاعتراف بتقصيرها

 

على الجانب الآخر، يرفض مساعد وزير الداخلية الأسبق، محمد نور الدين، اتهام الأجهزة الأمنية بالتقصير، مشيراً إلى أن قاعدة الـ 24 ساعة لقبول بلاغات الاختفاء، هي ضمان لجدية البلاغ، حيث من الممكن أن يكون الطفل عند أحد أقاربه ولا يعلم أهله بذلك، فيقومون بتقديم البلاغ، ثم بعد عودته بساعتين، يطلبون إلغائه. وبيّن كذلك في تصريح خاص لـ "زينيت"، أن عدم وجود قاعدة بيانات للأطفال المفقودين يرجع إلى تغييّر البيانات بصورة مستمرة، حيث يعود الأطفال لذويهم، كما أن هناك أطفالا تتم إعادتهم ويهربون مرة أخرى، ويقدّم ذويهم من جديد بلاغات باختفائهم.

عن: 
نادية مبروك