"كنت متأكدة أنّي سأموت !" تقول سعدية ربة المنزل الثلاثينية المصدومة من تجربتها المؤلمة بعد عشرة أشهر من ولادة توأمها. تحوّل ما كان ينبغي أن يكون أكثر أيام سعدية بهجة إلى كابوس لا يطاق.
بعد سيلان ماء الرحم، توجهت سعدية برفقة زوجها إلى مستشفى زرالدة الحكومي في الضاحية الغربية للعاصمة.
بعد قضاء وقت طويل في غرفة الطوارئ المكتظة، اضطرت سعدية إلى الانتظار مرة أخرى في ردهة جناح الأمومة إلى جانب عدد كبير من النساء الحوامل. تستذكر سعدية : "كانت قد خارت قواي ولم أتناول الطعام طوال اليوم، فجلست على الأرض للحصول على قسط من الراحة لأنني لم أجد مكانا على المقاعد في الردهة". بعد معاينتها، أعادها الطبيب المقيم إلى المنزل على الرغم من أن جنينيها كانا على يظهران علامات غير مطمئنة. "كان ذلك في يوم السبت، علما أنّ قسم التوليد يعاني من نقص أكبر في الموظفين خلال عطلة نهاية الأسبوع مقارنة ببقية الأيام. حاول الطبيب التخلص مني. لكني كنت بحاجة ماسة لإجراء عملية قيصرية لأن حياة ولدي كانت بخطر".
تواجه آلاف الأمهات الحوامل في جميع أنحاء الجزائر مشقات مماثلة بشكل يومي من أجل الحصول على الرعاية الصحية المجانية في المرافق العامة، وذلك نظرا للنقص الحاد في الطواقم الطبية فيها. تقول سعدية التي أمضت ثلاثة أيام في مستشفى زرالدة بعد ولادتها القيصرية : "في الليل، لم تكن هناك ممرضات لمتابعة حالتي أو لإعطائي أدوية لآلام الجراحة".
اليوم، يعمل 75% من الأطباء النسائيين في القطاع الخاص في حين تتلقى أكثر من 80% من الحوامل العلاج في المستشفيات الحكومية، وفقا لنقابة مقدمي الرعاية الصحية. تقول أخصائية علم نفس الأطفال كريمة عراوي: "أصبحت مجالات التوليد والأمراض النسائية عملا مربحا. لذلك، تعتبر هذه المجالات مرغوبة للغاية بين البرامج الطبية في الجامعات. بات الطلاب يفضلون الالتحاق بعيادات خاصة أو الهجرة إلى الخارج للعمل في المرافق العامة".
"كيف يمكن لنظام رعاية صحية يعاني من نقص في الطواقم الطبية التعامل مع أعباء العمل الإضافية؟"
في منتصف التسعينيات، تسارعت وتيرة نزوح الكوادر الطبية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، في حين قامت الدولة الواقفة على شفير الإفلاس بوضع خطة شاملة لخفض الإنفاق العام وشجّعت على تحرير نظام الرعاية الصحية في خطوة منها للسيطرة على الدين العام. بالتزامن، فتحت العديد من العيادات الخاصة أبوابها. قال غوثي بن أبادجي الذي يدير عيادته الخاصة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي بعد أن عمل لسنوات في مستشفى وهران الحكومي: "لقد غادرنا بقلب حزين". يلقي الدكتور بن أبادجي اللوم على تصاعد البيروقراطية وسوء الإدارة وتدهور ظروف العمل في المجالات المرتبطة ببرنامج التقشف، مضيفا أنّه "لم نعد قادرين على معلاجة مرضانا بشكل صحيح بسبب الضغط الكبير علينا. لم أعد مجرد طبيب نسائي، فغالبا ما كنت أقوم بالمهام التمريضية والإدارية. كان العبء علينا كبير".
في القطاع الخاص، يجد أطباء التوليد والأمراض النسائية ما هو غير متوفر في القطاع العام، أولهما "الإنجاز الشخصي والمهني. يتمتع الأطباء في القطاع الخاص بظروف عمل أفضل واستقلالية أكبر مقابل راتب أعلى ويصبحون من النخبة" يقول عالم الانثروبولوجيا الصحية محمد مبتول.
كما يعاني قطاع القابلات من أزمة حادة بحيث أنّ آلاف القابلات قررن التقدم بطلب التقاعد المبكر منذ إصلاح نظام التقاعد عام 2017. وصل عدد القابلات إلى حوالي النصف إذ انخفض من 8000 عام 2014 إلى 4000 عام 2020 وفقا لأرقام النقابة. كما جعلت جائحة كورونا أزمة التوظيف أكثر سوءا. ففي منطقة تيسمسيلت الجبلية، أضربت مجموعة من القابلات عن العمل في شهر حزيران بعد اصابتهن بفيروس كوفيد-19 وذلك بسبب إجبارهن على مواصلة عملهن. وقالت رئيسة نقابة القابلات عقيلة كروش : "لقد أضربن عن العمل لحماية المرضى من انتقال العدوى".
تحاول السلطات الصحية عبثا توظيف قابلات ماهرات جديدات. فبرنامج التدريب الانتقائي الذي يمتد على خمس سنوات بدلا من ثلاثة، يدفع العديد من الطلاب إلى ترك مدرسة القبالة واختيار المهن الطبية الأكثر جاذبية والأعلى أجرا. تقول كروش أنّ "القابلات محبطات لأن هذه الوظيفة تتطلب مجهودا بدنيا عاليا وذلك مقابل أجر منخفض. نحمل الكثير من المسؤوليات ونحصل على القليل من التقدير. في نهاية حياتهن المهنية، تعاني أكثر القابلات من التهاب الأوتار وهشاشة العظام لكن هذه الأمراض غير معترف بارتباطها بطبيعة العمل".
قال رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية الدكتور الياس مرابط أنّه يجب على الحكومة بذل المزيد من الجهود لمعالجة مشكلة النقص في الموظفين والإنماء المتوازن للخدمات الصحية على مساحة الوطن، وأنّ الأمر لا يتعلّق فقط بزيادة الرواتب؛ بل على الحكومة الاهتمام بتحسين بيئة العمل. كما أشار مرابط إلى ضرورة استحداث مناطق للاسترخاء داخل المستشفى بالإضافة إلى دور حضانة ووسائل نقل مجانية للعاملين الصحيين، وذلك لتشجيعهم على الاستمرار في العمل في القطاع العام.
إنّ النقص في الموظفين والتجهيزات في بلد معدّل الخصوبة فيه من الأكثر ارتفعا في العالم (3.5 طفل لكل امرأة وفق وزارة الصحة) يعرّض جناح التوليد إلى ضغوط متزايدة. منذ عام 2014، يولد أكثر من مليون طفل كلّ سنة. في بلد نص سكانه دون الثلاثين وغالبية النساء فيه بلغن سن الإنجاب، من المرجح تفاقم الأزمة في أقسام التوليد. في هذا الإطار، تساءل بن أبادجي : "كيف يمكن لنظام رعاية صحية متعثر التعامل مع أعباء العمل الإضافي؟"
ظروف عمل قاسية تجعل الطاقم الطبي "أقل تعاطفا"
تدفع ظروف العمل المجهدة بعض مقدمي الرعاية إلى قلة الاحترام والإساءة اللفظية والجسدية. قالت حكيمة شرييت، رئيسة قسم القبالة في مستشفى مصطفى باشا، أكبر مستشفى في البلاد "نحن لا نعمل في بيئة هادئة. با إننا دائما في عجلة من أمرنا، ويمكن أن نشعر بالغضب لدرجة أن نفقد أعصابنا". أثناء المخاض، تتعرض العديد من النساء لتعنيف داخل قسم التوليد، مثل القرص أو الصفع أو الصراخ أو السخرية. في غرفة المستشفى، التقت سعدية بأم جديدة تلقت معاملة سيئة في المستشفى : "قامت القابلة بالضغط على بطنها بركبتها في محاولة منها لإخراج الطفل بشكل أسرع، وصرخ الطبيب عليها لأنها "تشتكي كثيرًا" بحسب قوله. اضطرت إلى لكمهما لكي يكفا عن أذيتها".
قالت ناديا شويتم وهي طبيبة ونائبة سابقة استقالت من البرلمان خلال احتجاجات الحراك الشعبي الديمقراطي : "ظروف العمل القاسية تجعل الطاقم الطبي أقل تعاطفا". ثم أوضحت أنّ "الطاقم الطبي يشعر أحيانا بالعجز أمام نقص الموظفين والأسرة والمعدات الطبية ولا يستطيع تقديم الأجوبة اللازمة للمرضى".
إنّ جزء كبير من القوى العاملة الطبية، بمن فيهم عناصر الأمن وعمال النظافة، مدربون بشكل سيء ويتقاضون رواتب منخفضة. تضيف شويتم الناشطة في حزب العمال اليساري المعارض : "عناصر الأمن يعملون في وظيفة كغيرها من الوظائف، لكن العاملين منهم في المستشفيات غير مدربين على استقبال المرضى. أما عمال النظافة والصيانة فهم أيضا غير مدربون بشكل كاف على إجراءات التنظيف والتعقيم. لا يمكننا أن نتوقّع المزيد من أشخاص يتقاضون أقل من 10 آلاف دينار شهريا (أي حوالي 65 يورو).
تقرّ وزارة الصحة بضرورة تحسين العلاقة بين الطاقم الطبي والأمهات الحوامل. تقول مسؤولة برنامج الأطفال حديثي الولادة في الوزارة لميا ياسف : "ليس هناك من دورات لمهارات التواصل في كليات الطب وعلى ذلك أن يتغيّر".
"السفر لمسافات طويلة […] قد يتسبب بصدمة دراماتيكية أو أسوأ من ذلك"
يسوء الوضع بالنسبة للأمهات الحوامل في المناطق الريفية والصحراوية حيث الخدمات الطبية محدودة للغاية. بحسب القابلات، حوالي ثلث النساء الحوامل اللواتي تدخلن إلى مستشفيات العاصمة يأتين من مناطق لا يجدن فيها الرعاية الطبية التي يحتجن إليها. ولتفادي السفر لمسافات طويلة، يفضل البعض عدم القيام بفحوصات الحمل على الرغم من مخاطر المضاعفات قبل الولادة. يقول محمد حرشا وهو طبيب توليد في عيادة خاصة في مدينة أدرار الصحراوية الواقعة على بعد حوالي 1400 كيلومترا من العاصمة أنه "في حين توصي وزارة الصحة بإجراء خمس مسوحات بالموجات فوق الصوتية على الأقل خلال فترة الحمل، لا تحضر الحوامل الفقيرات في المناطق النائية لإجراء فحوصات ما قبل الولادة على الإطلاق، ذلك لأنهن يعشن بعيدا جدا عن المرافق العامة وليس بإمكانهن تحمل كلفة سيارة الأجرة لنقلهن".
حرشا طبيب نسائي قدم من جنوب البلاد للدراسة ثمّ عاد إلى مسقط رأسه بعد التخرج. لا يتوقف هاتفه عن الرنين حتى خلال إجازته الصيفية: "إذا أردت الاستمتاع بعطلتي عليّ مغادرة أدرار وإلا لن يكون لدي خيار سوى مواصلة العمل نظرا لندرة الأطباء في المنطقة". إلى جانب ممارسته لمهنته، يتطوع حرشا في المستشفى الحكومي حيث عمل لسنوات عديدة ليقدّم الرعاية المجانية بالإضافة إلى حل مكان طبيبين نسائيين كانا قد أصيبا بفيروس كوفيد-19 هذا الصيف : "هذا أقل ما يمكنني فعله لجيراني".
في أكبر دولة في إفريقيا، لا حول أمام البعض سوى القيادة لساعات طويلة وعبور طرقات وعرة للوصول إلى مركز رعاية صحية في المدينة لتتمكن الحوامل من الولادة بأمان. قال حرشا: "نرى في المستشفى نساء حوامل أتين بسياراتهن من برج باجي مختار وهي مدينة تقع على بعد 750 كيلومترا جنوب أدرار.
وحذّرت عراوي أنّ التأخير في تلقي الرعاية يقلل من فرص الولادة بشكل سليم : "إنّ مشكلة كبيرة تكمن في السفر لمسافات طويلة والانتظار مطولا بسبب ازدحام قسم التوليد أو بسبب الأولوية التي تعطى للأشخاص المعروفين من الطاقم الطبي. قد يسبب ذلك خطرا دراماتيكيا على الجنين أو حتى وفاة الوالدة.
يفضل الميسورون دفع 100 ألف دينار (حوالي 650 يورو) للولادة في مستشفى خاص مجهز بشكل أفضل. لكن الجميع لا يملكون رفاهية الخيار هذا. تقول أستاذة الديموغرافيا في جامعة وهران وخبيرة الإنجاب أمال هاشم : "يبدأ البعض بادخار المال فور زواجهم ليتمكنوا من تلقي الرعاية الصحية في عيادات خاصة، بينما يقوم البعض الآخر ببيع مجوهراتهم كي لا يقعوا تحت رحمة المستشفيات الحكومية".
"غالبا ما نرى نساء يتشاركن سريرا واحدا بسبب النقص في المساحة والمعدات"
على الرغم من مضاعفة ميزانية وزارة الصحة منذ عام 2009 لتصل إلى 4 مليارات يورو، لا تزال النساء مضطرات أن تولد في ظروف بائسة. فمعظم المستشفيات الجامعية في البلاد موجودة في مبان متداعية من عهد الاستعمار غير معدّة لاستقبال هذا الكم من المرضى، كما تعاني من تسرب المياه وانقطاع التيار الكهربائي ومن التجهيزات الطبية القديمة. في بلد غني بالنفط، لا تزال عملية الولادة بمثابة معركة للحصول على حياة جديدة أو حتى معركة من أجل الكرامة. تقول هاشم : "ليس هناك من باب لإغلاق غرفة الولادة في مستشفى أدرار بل مجرد ستارة. رأيت في قسنطينة امرأة سقطت عن الطاولة أثناء المخاض فاتصلت القابلة بعناصر الأمن للمساعدة في حملها. إنّ الخصوصية مهمة جدا بالنسبة للجزائريات، لكن ذلك غير مضمون دائما في مراكز الرعاية الصحية العمومية.
المهمأنناشيَّدناالمسجدالأعظم...
— Touil Naima Meriem (@Touil_Na) January 10, 2020
EphKouba.. Service de Gynéco..pic.twitter.com/CT2zQqH9A6
في كانون الثاني الماضي، تم نشر صور مجهولة المصدر على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر نساء ولدن للتو وهن مستلقيات على الأرض في مستشفى القبة في الجزائر العاصمة بانتظار سريرا متاحا، مما أشعل موجة تعاطف كبيرة. مع ذلك، تعيش النساء في الجزائر هذا الواقع بشكل يومي. قالت رئيسة قسم القبالة في مستشفى مصطفى باشا (أكبر مستشفى في الجزائر) حكيمة شريات : "غالبا ما نرى نساء يتشاركن سريرا واحدا بسبب النقص في المساحة والمعدات". بعد ولادة طفلها الأول، انتهى المطاف بسعدية في غرفة لم يتم تنظيفها وتعقيمها بشكل جيد لتتشارك سريرا مع امراة أخرى : "كانت الغرفة مليئة بالصراصير والجدران تفوح منها الرطوبة".
"من حق الناس أن يحصلوا على الرعاية التي يحتاجون إليها بغض النظر عن هويتهم أو مكان سكنهم".
أحرزت إدارة الدولة تقدما هائلا في خفض معدل وفيات الأمهات أثناء الولادة. انخفض هذا المعدل بنسبة 50% بين عامي 1999 و2016 من 117.4 وفيات لكل 100 ألف ولادة إلى 57.7 وفقا لوزارة الصحة. يعد هذا الانخفاض عاملا مهما في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة : "الصحة والرفاهية". مع ذلك، لا يزال معدل وفيات الأمهات في الجزائر من الأعلى في شمال إفريقيا في حين أنّه يمكن الحؤول دون عدد كبير منها.
دعت ياسف إلى تنسيق أفضل بين المرافق العامة مضيفة أنّ "الكشف المبكر وحسن رعاية الأمهات المعرضات لخطر النزف التالي للولادة وتسمم الحمل وغيرها من المضاعفات، يساهم بخفض معدل وفيات الأمهات بشكل أكبر. هذه هي أولويتنا القصوى. نحن بحاجة إلى طرق لتشجيع النساء الحوامل على زيارة العيادات المحلية عندما لا تكون هناك مضاعفات بدلا من الهروع إلى المستشفيات المكتظة المخصصة أساسا للحمل المعرض للخطر".
كما التزمت الحكومة بتجديد أجنحة الولادة في المستشفيات القديمة. أقدمت الحكومة على تجديد جناح الولادة في مستشفى مصطفى باشا التاريخي في العاصمة قبيل الانتهاء من أعمال صيانة جناح الولادة في مستشفى قسنطينة الجامعي شرقي البلاد.
في الربيع الماضي، حاولت الحكومة الحد من الازدحام في المستشفيات الحكومية من خلال إطلاق برنامج تغطية تكاليف الرعاية الصحية مما يسمح للنساء اللواتي لديهن تأمين صحي بالتوليد في العيادات الخاصة المعينة رسميا من دون تحمل التكاليف. قالت شويتم أنّ "ذلك لن يحل أزمة قسم الأمومة بما أنّ ملايين النساء لا تملكن تأمينا والعيادات الخاصة لا تستقبل حالات الحمل شديد الخطورة. من حق الناس أن يحصلوا على الرعاية التي يحتاجون إليها بغض النظر عن هويتهم أو مكان سكنهم".
بالنسبة لمرابط، إنّ نظام الرعاية الصحية في الجزائر متهالك وغير فعال ويجب إصلاحه : "ما قد ينجح في العاصمة قد لا ينجح في الجنوب. يجب أن يُعطى المسؤولين المحليين هامشا أكبر في عملية صنع القرار كما يجب أن يتمتع الأطباء بمزيد من الاستقلالية. نحن ننتظر منذ عام 1985 إنشاء مكاتب إقليمية للمراقبة الصحية".
من جهتها، وصفت هاشم حوكمة المرافق العامة بما في ذلك أجنحة الأمومة بأنها "غير فعالة" وذلك بسبب غياب ثقافة المساءلة. "الرعاية الصحية في الجزائر متحجرة. فيتم تعيين رؤساء المستشفيات والوحدات من قبل الحكومة ليبقوا في مراكزهم إلى أجل غير مسمى. شغل بعضهم هذه المراكز لعقود. لذلك يتعين انتخابهم لفترات محددة وأن يتحملوا المسؤولية الملقاة عليهم".
مع ذلك، "لا يمكن القيام بإصلاحات واسعة في مجال الرعاية الصحية طالما ليس هناك من مجال للتغيير السياسي" وفقا لمبتول الذي ردد دعوة الحراك الشعبي إلى إصلاح شامل للبنية السياسية في البلاد. منذ شباط 2019، كان الناشطون المناهضون للحكومة يضغطون من أجل انتقال ديمقراطي للسلطة وإنهاء النظام السلطوي الغامض غير الخاضع للمساءلة الذي ساد الدولة الشمال إفريقية منذ حصولها على استقلالها عن فرنسا عام 1962.
وقال مبتول إن هذا النظام يحرم الشعب الجزائري من الحصول على رعاية صحية آمنة : "نظام الرعاية الصحية في الجزائر عمودي ومركزي للغاية، ويعتمد على الأوامر السياسية والإدارية بشكل حصري. لا يسمح هذا النظام بإعطاء صوت للطاقم الطبي وللمرضى وعائلاتهم. وأوضح عالم الأنثروبولوجيا أن على الجميع تقديم الطاعة فقط لا غير".
ثم أضاف : "في هذا النظام هناك مرضى مجهولون ومرضى متميزون، لكن ليس هناك مستفيد عادي من الرعاية الصحية. طالما أن الجزائريون لا يُعتبرون مواطنين، بل يُنظر إليهم كرعايا، فإن النساء الحوامل سوف يعانين من رحلات مليئة بالصدمات".
سعدية أم سعيدة لثلاثة أولاد تحلم بأخت صغيرة في عائلتها لكنها لا تملك "الطاقة لخوض كل ذلك مرة أخرى. ربما بعد سنوات قليلة. أحتاج إلى مزيد من الوقت للتعافي".